30 - 04 - 2025

نفحات العشر الأواخر | الإمام الطيب: القرآن موجود باللوح المحفوظ.. و"المقيت" من غرائب اللغة

نفحات العشر الأواخر | الإمام الطيب: القرآن موجود باللوح المحفوظ.. و

ولله سبحانه وتعالى 99 أسماً، ويعد اسم "الحفيظ"، أسم الله الأقوى، وذلك وفقاً لتوضيح شيخ الأزهر ورئيس مجلس علماء المسلمين الدكتور أحمد الطيب، خلال شرحه لأسماء الله الحسنى في برنامجه "الإمام الطيب".. والذي بين فيه أن القرآن الكريم ليس هو اللوح المحفوظ، وأنه موجود باللوح المحفوظ، موضحاً أن اللوح المحفوظ كائن قدسي غيبي مسجل فيه كل شيء منذ بدء الحياة حتى نهايتها بما فيها الغيب، ومسجل به أفعال العباد.

"الحفيظ" أحد أسماء الله الحسنى ورد مرتين في القرآن مطلقاً، في سورة هود ﴿فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّونَهُ شَيْئًا إِنَّ رَبِّي عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ﴾، وفي سورة سبأ ﴿وَرَبُّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ﴾.. وورد مقيداً في سورة الشورى ﴿وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَولِيَاءَ اللَّهُ حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ﴾.. فيما ذكرت مشتقات "الحفيظ" 40 مرة بالقرآن الكريم.

وأخبرنا شيخ الأزهر أن "الحفيظ" يعني "الحافظ" وذلك ما ورد في القرآن الكريم مرتين، في سورة يوسف ﴿فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ﴾ وبصيغة الجمع في سورة الحجر ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾.

ويوصف الله سبحانه تعالى بـ "الحافظ" في القرآن الكريم كما ذكرت أسماء شاهد ورقيب ومحصي.. والحديث لازال لشيخ الأزهر، الذي قال: إنه لا يمكن وصف الله سبحانه وتعالى بمحفوظ، لأن محفوظ يحتاج للحفظ والله هو الحافظ وبالتالي هو الحفيظ، ولذلك لا يمكن وصف الله سبحانه وتعالى بمحفوظ.. ولكن يوصف بالحافظ فهو حافظ السماوات والأرض والكتب الإلهية.. ولكن يبقى الحفيظ هو الأقوى..

الله يحرس الأرض وما عليها بالتسخير والإمساك

ويقول الإمام الطيب إن اسم الله تعالى "الحفيظ" ورد في القرآن الكريم بصور مختلفة تصف الله سبحانه وتعالى والبشر والملائكة.. مبيناً أن "الحفيظ" اسم يطلق على الله سبحانه وتعالى فقط، لأنه هو الحفيظ للإنسان والملائكة، ومشتقاته تطلق على الملائكة والإنسان مثل قوله تعالى" وإن عليكم لحافظين" أي أن الملائكة حافظين للبشر.. ومن رحمة الله سبحانه وتعالى أنه يحفظ الإنسان حتى وهو يرتكب المعاصي ليمهله فرصة للتوبة.. ألم يقل سبحانه وتعالى "إن رحمتي سبقت غضبي".

وأوضح الدكتور الطيب أن الحفيظ تعني أيضاً، الضبط ضد النسيان والخطأ، وتعني أيضا الحراسة ضد التضييع، فالإنسان بكل تصرفاته عاجز وهو في حاجة للعناية الإلهية لتصحح له.

وتطرق شيخ الأزهر لفكرة أن الله سبحانه وتعالى يحرس الأرض وما عليها بالضبط من خلال التسخير أي توفيق الأمور، حيث يستفيد منها الإنسان.. والإمساك فالله سبحانه وتعالى يمسك السماء حتى لا تسقط على الأرض التي يمسك بالمضادات الموجودة عليها، كما قال تعالى في سورة فاطر ﴿إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا﴾.. وفي سورة الأنبياء ﴿وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَحْفُوظًا﴾.  

والخلاصة وفقا للدكتور الطيب أن الأرض والسماء مسخرتين.. والإنسان يمكنه حفظ نفسه بالابتعاد عن المعاصي والشهوات، ويحفظ عقله من العلوم والأفكار السامة.

شيخ الأزهر: تعلم اللغة العربية عبادة

يواصل شيخ الأزهر ورئيس مجلس حكماء المسلمين الدكتور أحمد الطيب الإبحار في أسماء الله الحسنى، حتى وصل بنا لاسم "المقيت"، والذي ورد ذكره في سورة النساء ﴿وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مَقِيتًا﴾.. موضحاً أن المقيت مشتق من "القوت" الذي يقيم حياة الإنسان، مبيناً أن الفعل "قات يقوت" يرتبط بتوفير الطعام والشراب كضرورة لبقاء الأحياء كما ورد في سورة هود ﴿وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا﴾.. وفي سورة غافر ﴿وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ﴾.

وكشف شيخ الأزهر أن اسم "المقيت" من غرائب اللغة فوفقا للعلماء هو مشتق من القوت أي الطعام، ولكن بعض العلماء ذهبوا إلى أن الاسم يحمل معنى "الشاهد" و"المقتدر" و"القادر"، مستندين إلى تفسير أبن عباس رضي الله عنه الذي فسر "مقيتا" بـ “قادرا"، وإلى استشهادات من الشعر الجاهلي الذي استخدم اللفظ بمعنى القدرة على الفعل.

وأكد شيخ الأزهر أن تعلم اللغة العربية عبادة، لأنها تعين على فهم كتاب الله تعالى، الذي نزل بلسان عربي مبين، مشيرا إلى أن إعجاز القرآن لا ينفد، وأن من إعجاز القرآن أنك تجد المفسر مثلا حجة في البلاغة، أو فقيه يملأ تفسيره من هذا الفقه، كما أن كل عصر يكتشف فيه جوانب جديدة من حكمته.

ولفت شيخ الأزهر إلى أن اللغة العربية تم تقنينها بعد نزول القرآن الكريم وتم وضع علم النحو والصرف، ولكن المقيت يخرج عن القياس النحوي المألوف.

العلم والمعرفة من رزق الله

الإمام الطيب قال إن " المقيت" ذكر في القرآن الكريم مرة واحدة بسورة النساء ﴿مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتًا﴾، وهو يعني القائم على أقوات العباد، أما "الرزاق" هو خالق الرزق.

ورغم التشابه بين المقيت والرازق في المعنى، إلا أن شيخ الأزهر لفت إلى وجود اختلاف بين "المقيت" و"الرزاق"، شارحا بأن المقيت والرزاق لفظان مختلفان لكنهما مترادفان على معنى واحد، لكن العلماء اتفقوا على أنه لا ترادف في أسماء الله تعالى، لأن الترادف قيمته صفر، ومعاذ الله أن يحدث ذلك.

ولكن شيخ الأزهر يؤكد وجود خلاف بين المقيت والرزاق، لأن هناك فرق بين القوت والرزق، موضحاً أن القوت مرتبط برزق معين قائم على الطعام والشراب، أما الرزق فهو أوسع في المعنى بكثير من القوت.

كما أوضح شيح الأزهر أن القوت أنواع ويتوقف على حسب المتلقي، هناك قوت خاص بالأشباح (ووفقا للدكتور أحمد الطيب) والتي تعني جسد الإنسان وقوتها الطعام، وهناك قوت للأرواح وهو العلم والمعرفة، ويوجد قوت للملائكة وهو التسبيح.

ويقول شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب إن لكل خلق قوته وهو استخدام مجازي، ولكن القوت مقصود به الطعام واستخدم في غذاء الأرواح مجازيا، مؤكداً أنه لولا العلم والمعرفة لم تغن الروح.. وأن الأجساد بلا علو ومعرفة هي أجساد بغير روح.
------------------------
كتب ـ محمد الضبع